بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي
بعده أما بعد:
فهذه مقتطفات يسيرة تشتمل على العناصر التالية:
تعريف الحوار، وأهميته، وأهدافه، وآدابه، وقواعده،
فما أحوجنا إلى الحوار؛ لأنه طريق للفهم، وسبيل
للنجاح والسداد، وبوابة الوفاق والاتفاق سائلا المولى
العلي القدير التسديد والقبول آمين.
تعريف الحوار : -
الحوار لغة: من الحوار ، وهو الرجوع.
ويتحاورون: أي يتراجعون الكلام.
اصطلاحاً: مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين.
أهمية الحوار :-
للحوار أهميه كبيرة،فهو من وسائل الاتصال الفعالة؛
حيث يتعاون المتحاورون على معرفة الحقيقة والتوصل
إليها؛ ليكشف كل طرف منهم ما خفي على صاحبه منها،
والسير بطريق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق.
والحوار مطلب إنساني، تتمثل أهميه باستخدام
أساليب الحوار البناء لإشباع حاجة الإنسان للاندماج
في جماعة، والتواصل مع الآخرين، فالحوار يحقق التوازن
بين حاجة الإنسان للاستقلالية، وحاجته \للمشاركة
والتفاعل مع الآخرين.
كما يعكس الحوار الواقع الحضاري والثقافي للأمم
والشعوب، حيث تعلو مرتبته وقيمته وفقاً للقيمة
الإنسانية لهذه الحضارة وتلك.
وتعد الندوات واللقاءات والمؤتمرات إحدى وسائل
ممارسة الحوار الفعـال، الذي يعالج القضايا والمشكلات
التي تواجه الإنسان المعاصر.
أهداف الحوار :-
1- إيجاد حل وسط يرضي الأطراف.
2- التعرف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى.
3- البحث والتنقيب من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع
الرؤى والتصورات المتاحة ، للوصول إلى نتائج أفضل وأمكن، ولو في حوادث تالية.
آداب الحوار : -
إن الأخذ بآداب الحوار يجعل للحوار قيمته العلمية ، وانعدامها يقلل من الفائدة المرجوة منه للمتحاورين . إن بعض الحوارات تنتهي قبل أن تبدأ ، وذلك لعدم التزام المتحاورين بآداب الحوار . والحوار الجيد لابد أن تكون له آداب عامة ، تكون مؤشرا لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وإن لم تتوافر فيه فلا داعي للدخول فيه ، وهذه الآداب تكون ملازمة للحوار نفسه ، فانعدامها يجعل الحوار عديم الفائدة . وعند الحوار ينبغي أن تكون هناك آداب لضمان استمرارية الحوار كي لا ينحرف عن الهدف الذي من أجله كان الحوار ، وحتى بعد انتهاء الحوار لابد من توافر آداب من أجل ضمان تنفيذ النتائج التي كانت ثمرة الحوار ، فكم من حوار كان ناجحا ولكن لعدم الالتزام بالآداب التي تكون بعد الحوار كانت النتائج سلبية على المتحاورين .
لذا ستركز هذه المقالة على ثلاثة أقسام :
آداب عامة للحوار.
آداب خلال الحوار.
آداب بعد الحوار.
آداب عامة للحوار:-
يحتاج الحوار الى آداب عامة ينبغي للمتحاورين أن يلتزمو بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ في حالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمرا بإذن الله عز وجل ، وتكون كالمؤشر لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاق والأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وليس فقط في المتحاورين . وهذه الآداب العامة للحوار .
1- اخلاص المحاور النية لله تعالى :
اخلاص النية لله عز وجل ، وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوار تجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق أكبر فائدة منه .
2- توفر العلم في المحاور :
قبل أن يدخل المحاور في الحوار لا بد أن يكون لديه العلم بموضوع المحاورة ، حتى في الحوار التعليمي ، فأحد الطرفين لديه العلم الكافي لدخوله في المحاورة ، والطرف الآخر يعرف شيئا على الأقل عن موضوع المحاورة ، فهو لا يأتي للمحاورة وهو خالي الذهن منه . والمحاور لا يحاور في موضوع يجهله بل لابد من أن العلم إلا إذا كان سائلا يهدف الى معرفة الحقيقة والاستفادة منها .
3- صدق المحاور:
إن توافر هذا الأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاور فوجود ضد هذه الصفة وهي الكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم ، ان اعتماد المحاور الصدق في كلامه يكسبه قوة في محاورته ، فكلما تمسك بهذ الصفة كان لهذا الأثر البليغ في إقناع محاورية بصحة دعواه وسلامة قضيته . والمحاور الصادق يجعل لكل كلمة قيمة واضحة تؤثر فيمن يتحاور أو يستمع له فكل أقواله لها وزنها ، وأما لو كان كاذبا في أقواله فإن أغلب كلامه وإن كان ظاهره الصحة فإنه لا يؤخذ به ولا تكون له قيمة عند محاوريه أو حتى المستمعين له ؛ لأنه فقد المصداقية التي كان يتمتع بها.
4- الصبر والحلم :
إن البعض يضيق صدره بسرعة في المحاورة حتى وإن كان الطرف الآخر لا يخالفه في الرأي ، وهذا أمر خطير لأنه لا يتمكن من شرح أو توضيح وجهة نظره ، فضلا على أنه لن يستطيع الدفاع عنها عند المخالفة ، ولذا يجب أن يتصف المحاور بالصبر والحلم قبل دخوله في المحاورة .
والصبر في الحوار أنواع منها :
- الصبر على الحوار ومواصلته .
- الصبر على الخصم سيئ الخلق .
- الصبر عند سخرية الخصم واستهزائه .
- الصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم .
- الصبر على النفس وضبطها .
5- الرحمة :
إن من الصفات التي يتصف بها المحاور المسلم هي الرحمة ، وهي رقة القلب وعطفه ، والرحمة في الحوار لها أهمية فالمحاور حين يتصف بها تجد فيه إشفاقا على من يتحاور معه وميلا إلى إقناعه بالحسنى فهو لا يعد على خصمه الأخطاء للتشفي منه .
والرحمة في الحوار تدل على صدق نوايا وسلامة الصدر والمحاور المسلم لا تكون رحمته لمن يحب فقط بل هي شاملة لكل من يراه ، والمتحاورون لو نظر كل منهم الى من يحاوره نظرة رحمة ، تعاطف معة وسعى إلى إقناعة بكل الوسائل الممكنة .
وتقبل الناس للفكرة ليس بالسهولة المتوقعة ، لأن عقول الناس مختلفة في قدرتها على الفهم ، فقد يفهم أحد الناس أمرا ما في وقت أقصر من غيره ، وبالرفق يمكن إقناع الآخرين.
والرفق بالمحاور يجعله متقبلا لما يطرح عليه من أفكار ، بل قد يرجع وبهوله عن رايه إذا بين الخطا الذي وقع فيه .ولو عومل بشدة لما استجاب ، بل سيكابر ويعاند ويصر على الخطأ والباطل الذي كان عليه ، وسيلتمس لنفسه المبرات والأعذار في إصراره على ما هو عليه من الخطأ.
6- الاحترام :
إن إختلاف وجهات النظر مهما بلغت بين المتحاورين فإن ذلك لا يمنعهم من الاحترام والتقدير ، إن الاحترام المتبادل يجعل الأطراف المتحاورة تتقبل الحق وتأخذ به ، وكل إنسان يحب أن يعامل باحترام فعلى المحاور أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ، وحتى لو كان هناك رد في الحوار فالواجب بقاء الاحترام ، فالمحاور لم يدخل الحوار الا وهو يرغب في الاستفادة ، فإن لم يستفد فعليه أن لا يفقد الاحترام والتقدير لمن يتحاور معه .
7- التواضع :-
الانصاف والعدل لهما معنى واحد في هذا الأدب ، وأكثر المحاورات تفقد قيمتها عند إنعدام هذا الأدب ، فبعض المتحاورين يغفلون عن هذا الأمر ؛ بما يجعلهم لا يصلون الى ما يرجون من نتائج .
منقول