من المفيد أن نعرف كيف يبدأ الجدال، والمراحل التي يمر بها، وطبيعة الفروق بين الرجل والمرأة في بداية الجدال والخلاف،
حيث للمرأة بداية تختلف عن بداية الرجل للدخول في الجدال.
ـ
بداية المرأة للجدال:لا تدرك المرأة عادة بأنها تبدأ الجدال عندما تأخذ بالحديث عن مشاعرها السلبية، فبدل أن تعبر بوضوح وصراحة وبشكل مباشر عما يزعجها ويقلقها، فإنها تبدأ بطرح أسئلة ساخرة تحمل في مضمونها معاني عدم الرضى والقبول،
ويشعر الرجل نتيجة ذلك بالرفض أو عدم الرضى وإن لم تقصده المرأة أحياناً بشكل مباشر.
وكمثال على هذا،
إذا عاد الرجل من سفره متأخراً بعض الشيء فقد تقلق عليه زوجته وينشغل ذهنها،
وتخاف أن يكون قد جرى معه شيء ما،
إلا أنها بدل أن تقول له ما يوحي بهذه المعاني وبشكل مباشر كأن تقول:
(لقد قلقت عليك) أو (لا أحب أن أجلس بانتظارك وأنا مشغولة الذهن عنك) فبدل هذا الحديث المباشر نجد المرأة تطرح أسئلة اتهامية كأن تقول مثلاً: (كيف تتأخر بهذا الشكل ولا تبالي بي؟)
أو (هل صعب عليك أن تخابرني لتعلمني بأنك سوف تتأخر؟)
أو (هل فكرت أنني جالسة أنتظرك هنا؟).
ولا ننسى أن نبرة الصوت أيضاً فيها عادة الكثير من التهكم أو الاتهام الذي يوحي بأن الزوجة لا تنتظر جواباً لسؤالها،
وإنما تريد أن تخبر زوجها بأنه لا يوجد عذر مقبول لتأخره.
وعندما يسمع الرجل مثل هذه الأسئلة: (كيف تتأخر بهذا الشكل ولا تبالي بي؟)
فإنه عندها لا يعود يسمع مشاعر زوجته وقلقها بالتأخر،
بقدر ما يسمع استنكارها وعدم رضاها عن سلوكه،
ولا تدرك المرأة كم يجرح هذا الاستنكار من مشاعر الرجل، ولذلك فهو عندما يشعر بالهجوم والتحدي فإنه بالطبع يأخذ الموقف الدفاعي.
وقد تحاول المرأة مساءلة الرجل بهذه الطريقة ظناً منها أن تريد أن تلقنه درساً كيف يحترمها ويحبها.
ولكن في الحقيقة لا تسمح هذه الطريقة للرجل بتعلم أي درس مفيد،
وإنما تضع بينهما حواجز من سوء التفاهم والخلاف،
وتجعل الرجل أقل رغبة في البذل والعطاء لهذه العلاقة.
وإذا تذكرنا الحاجة العاطفية للرجل من الشعور بقبول زوجته ورضاها،
ندرك عندها كم يؤثر مثل هذا النوع من الحوار في مشاعر الرجل.
وإن من أشد الأمور على الرجل أن تسحب الزوجة منه قبولها ورضاها،
وقد لا تقدر المرأة أثر هذا لأنها قد لا تعرف مدى حاجة الرجل إليه.
ويصعب على معظم الرجال أن يصرح الواحد منهم عن درجة حاجته لقبول الزوجة ورضاها،
فقد يحاول الواحد منهم أن يظهر وكأنه لا يحتاج لهذا الرضى،
أو أنه لا يبالي فيما إذا حصل أو لم يحصل عليه.
وتستطيع المرأة لا شك أن تعبر عن عدم قبولها لسلوك الرجل،
وفي ذات الوقت تشعره برضاها وقبولها له كزوج ورجل.
إن الرضى الذي يحتاجه الرجل هو أن تستطيع الزوجة تلمس أسباب جيدة لسلوكه وأفعاله.
وحتى عندما يقصر أو لا يتحمل مسؤوليته كاملة،
فإن الزوجة المحبة تستطيع أن تجد فيه الخصال الحميدة والجيدة.
إن مما يقوي العلاقة الزوجية في بداية الزواج أن يشعر الرجل برضى زوجته وارتياحها له،
وكأنه فارس أحلامها.
إلا أنه مع الوقت قد لا يعود الرجل يحقق أحلام زوجته،
ويبدأ يشعر بعدم استحسانها أو رضاها عنه،
كأنه لم يعد ذلك الفارس الذي كانت تعجب به من قبل.
ومن أهم أسباب الجدال بين الزوجين الأمور التالية:
1 ـ عندما تشعر المرأة أن الرجل لا يقدر مشاعرها أو حقها في أن تشعر بالطريقة التي تريد.
2 ـ عندما يشعر الرجل أن المرأة لا تقدر أو تحترم وجهة نظره.
3 ـ عندما تعترض المرأة على طريقة أو أسلوب الرجل في الحديث معها.
وكمثال على هذا لننظر في تسلسل الأحداث التالية:
ـ يرتكب الرجل خطأ أو ينسى القيام بعمل ما.
ـ فيصبح شديد الحساسية للنقد (وهو هنا يحتاج لتفهمها وتأييدها له).
ـ تحاول المرأة التعبير عن خيبة أملها (وهي تحتاج هنا إلى مَن يسمعها ويفهمها).
ـ فتتحدث معه بنبرة صوت ونظرات تجرح مشاعره من حيث لا تدري هي تأثيرها.
ـ يشعر الرجل بأنها لا تقدره أو لا تحترمه.
ـ يحاول إقناعها بأنه كان عليها أن لا تنزعج أو تتألم لما حدث (تحتاج هي هنا إلى تقدير عواطفها).
ـ تشعر المرأة بأنه لا يقدّر عواطفها ومشاعرها.
ـ يحاول هو الدفاع عن نفسه وتبرير موقفه.
ـ يزيد هذا من شعورها بعدم فهمه لها.
وهكذا يزداد الجدال.
ـ تتكلم المرأة عن مشاعرها السلبية أو انزعاجها من أمر ما (ليس بالضرورة بسبب الرجل).
ـ يحاول الرجل أن يشرح لها لماذا عليها أن لا تنزعج (تحتاج هي إلى مَن يستمع إليها، ويقدر مشاعرها).
ـ تشعر أنه لا يقدر مشاعرها ولا يفهمها.
ـ يزداد انزعاجها وألمها.
ـ فتتكلم بشكل ينم عن انتقادها للرجل (وإن لم تقصد لوم الرجل).
ـ يشعر بأنها لا تقدره ولا تحترم وجهة نظره.
ـ ينزعج ويتوقع منها الاعتذار.
ـ يزداد انزعاج الزوجة وتتأكد أحاسيسها بأنه لا يتفهمها.
وهكذا يزداد الجدال.
المصدر : التفاهم في الحياة الزوجية
اعتقد الموضوع مهم جدا وله دلالات ايجابيه ملموسه لدى الطرفين